مقدمة :
نظام الحماية شكل استعماري قام على الازدواجية الإدارية بين إدارة استعمارية ذات
سلطة فعلية ، و إدارة وطنية ذات سلطة صورية.
ما هي الظروف الممهدة لفرض نظام الحماية على
المغرب؟ ما هي الأجهزة الاستعمارية بالمغرب؟ و ما هي مراحل والاحتلال
العسكري الأوربي للمغرب ؟ و ماهي مظاهر و نتائج
الاستغلال الاقتصادي الاستعماري ؟
نظام الحماية في المغرب ، و الاحتلال
العسكري : I
1 – آلت ظروف داخلية و خارجية إلى فرض الحماية
الأجنبية على المغرب :
* واجه السلطان المولى عبد العزيز(
1894- 1908) عدة مشاكل منها :
- أزمة مالية حادة تمثلت في فراغ خزينة الدولة و
ارتفاع النفقات. فاضطر المغرب إلى الاقتراض من الدول الأوربية بشروط
مجحفة . في نفس الوقت أقر السلطان المولى عبد العزيز ضريبة
الترتيب غير أن الطبقة الغنية أبطلت تطبيقها .
- ثورات في بعض المناطق من أبرزها ثورة بوحمارة ، و ثورة
الريسوني .
* تمهيدا لاحتلال المغرب ،عقدت فرنسا صفقات استعمارية مع كل من إيطاليا
وبريطانيا وإسبانيا .مما أثار معارضة ألمانيا ،وبالتالي انعقد مؤتمر الجزيرة
الخضراء ( الخزيرات ) سنة 1906
*حاول السلطان المولى عبد العزيز تطبيق مقتضيات مؤتمر الجزيرة الخضراء، فقام
علماء فاس بإبعاده سنة 1908 وتعيين مكانه أخيه المولى عبد الحفيظ ( 1908- 1912)
. لكن هذا الأخير لم يستطع بدوره التصدي للأطماع الأجنبية . .
* منذ سنة 1907 احتلت فرنسا مدينتي الدار البيضاء و
وجدة وضواحيهما. وفي سنة 1909 وسعت إسبانيا نفوذها في الريف الشرقي انطلاقا من
مليلية ، و استولت على العرائش و أصيلة و القصر الكبير سنة 1911 . في نفس السنة
دخل الجيش الفرنسي العاصمة فاس بعد استيلائه على الرباط و مكناس.
* في 30 مارس 1912 تم التوقيع بفاس على
معاهدة الحماية التي نصت على قيام فرنسا بالإصلاحات
الإدارية و
القضائية و التعليمية و المالية و العسكرية في المغرب مع احترام سيادة السلطان و
الحفاظ على العقيدة الإسلامية
* اتفقت فرنسا مع إسبانيا على إجراءات تنفيذ
الحماية في منطقة الاحتلال الإسباني شمال المغرب و
وضع طنجة تحت النفوذ الدولي.
2 – كرست الأجهزة الإدارية و السياسية
بالمغرب في عهد الحماية ( 1912 – 1956 ) الاستغلال الإداري
الاستعماري :
* قسم المغرب إلى ثلاث مناطق نفوذ أجنبي : منطقة
النفوذ الدولي في طنجة ، و منطقة النفوذ الإسباني في أقصى الشمال و
الساقية الحمراء و وادي الذهب و طرفاية و إفني ، و منطقة النفوذ الفرنسي في باقي
التراب الوطني .( ص 111 الوثيقة 36 من كتاب المنار )
* تميز التنظيم الإداري في منطقة النفوذ الفرنسي
بما يلي :
- على المستوى المركزي : وجود إدارة استعمارية
يرأسها المقيم العام الفرنسي الذي كان يصدر القوانين باسم السلطان المغربي،
ويشرف على الشؤون الإدارية و الدبلوماسية و العسكرية و الاقتصادية و
الاجتماعية و الثقافية . تقابلها إدارة مغربية يرأسها السلطان ، و
التي ضمت مدير الديوان الملكي و الصدر الأعظم و وزيري الأوقاف
و العدل .
- على المستوى الجهوي قسمت منطقة النفوذ الفرنسي
إلى 7 أقاليم يحكم كلا منها موظف فرنسي الذي كان يستعين بأجهزة
مختلفة منها المجلس الاستشاري الجهوي.
- على المستوى المحلي : قسم كل إقليم إلى دوائر
قروية و حضرية يرأس كلا منها موظف مغربي يعرف بالقائد أو الباشا .
* خضعت منطقة النفوذ الإسباني للمندوب السامي
الإسباني الذي تولى السلطة الفعلية ، تاركا سلطة شكلية لخليفة السلطان
. و تدرجت الإدارة الإسبانية – مثل الفرنسية – على ثلاث مستويات :
مركزية و جهوية و محلية .
* بالنسبة لطنجة ، فقد كانت تحكمها ثلاث
أجهزة تمثل الهيأة الدبلوماسية و الجالية الأجنبية المقيمة بطنجة و
أعيان المدينة و هي المجلس التشريعي و لجنة المراقبة و السلطة التنفيذية .
* بعد رحيل ليوطي عن المغرب سنة 1925 ، تحول نظام
الحماية إلى حكم مباشر حيث انفردت الإدارة الفرنسية باتخاذ القرارات دون الرجوع
إلى السلطان الذي حصرت دوره في الإمضاء على الظهائر .
3 – مر الاحتلال العسكري الأوربي للمغرب بعدة مراحل
: (الخريطة ص 94 المورد )
- قبل 1912 احتلت فرنسا المغرب الشرقي و المناطق
الممتدة من الدار البيضاء إلى فاس . في حين استولت إسبانيا على سيدي
إفني و بعض أجزاء الريف .
- في الفترة 1912 – 1914 : سيطرت فرنسا على السهول
و الهضاب الآطلنتية .
- في الفترة 1914 – 1920 : غزت فرنسا الأطلس
المتوسط و الأطلس الكبير .
- في الفترة 1921 – 1926 : استكملت إسبانيا
احتلالها للمنطقة الشمالية .
- في الفترة 1931 – 1934 : استكملت فرنسا و إسبانيا
السيطرة على المناطق الصحراوية .
الاستغلال الاقتصادي الاستعماري و
عواقبه على المجتمع المغربي : II
1- تعددت أشكال الاستغلال الاقتصادي للمغرب في عهد الحماية :
* في الميدان الفلاحي : اتخذ الاستعمار ( الاستيطان
) الفلاحي شكلين أساسين هما :
- الاستعمار الرسمي : استيلاء الإدارة الاستعمارية
على أراضي المخزن و الجماعة والأحباس .
- الاستعمار الخاص : سيطرة المعمرين الأوربيين على
أراضي الفلاحين المغاربة بطرق متعددة .
* في الميدان الصناعي :اهتم الاستعمار باستغلال
المعادن و مصادر الطاقة ، و أدخل إلى المغرب الصناعة الحديثة التي تمركزت في
المدن الرئيسية خاصة الدار البيضاء .
* في ميدان التجارة و الخدمات : اتخذ الاستعمار
المغرب مصدرا للمواد الأولية و سوقا للمنتجات الصناعية . و أقام شبكة
حديثة للمواصلات لتسهيل الاستغلال الاستعماري . و شجع الاستثمارات
الأجنبية ، و فرض ضرائب كثيرة على المغاربة ( منها المكوس و الترتيب ، و الضريبة
المهنية و الضريبة الحضرية )
2 – خلف الاستغلال الاستعماري للمغرب عواقب وخيمة :
* عرفت البادية المغربية عدة تحولات اجتماعية يمكن
تحديدها على النحو الآتي :
- تمركز الأراضي الخصبة في يد المعمرين الأوربيين
وعملائهم ، و اكتفاء الفلاحين المغاربة بملكيات صغيرة وفي مناطق أقل
خصوبة
- قيام علاقات الإنتاج الرأسمالية القائمة على
الملكية الخاصة ، و بالتالي تفكك النظام القبلي .
- إثقال كاهل السكان القرويين بالضرائب و أعمال
السخرة .
- انتشار الهجرة القروية نحو المدن و
المراكز المنجمية .
* شهدت المدن المغربية بدورها تحولات اجتماعية منها
:
- إفلاس التجار و الصناع التقليديين المغاربة أمام
منافسة الاقتصاد الاستعماري العصري .
- نشأة الطبقة العاملة التي تمركزت في المدن الكبرى
، و التي عاشت ظروفا مزرية منها طول مدة العمل و ضعف الأجور . فانعكس ذلك على
الجانب العمراني حيث ظهرت أحياء الصفيح .
خاتمة :
ألحق الاستغلال الاستعماري الضرر بمصالح أغلب الطبقات الاجتماعية المغربية . مما
أدى إلى نضال المغرب من أجل الاستقلال.
شرح العبارات :
* المنطقة السلطانية: منطقة النفوذ الفرنسي بالمغرب
في عهد الحماية .
*المنطقة الخليفية : أقصى الشمال المغربي الخاضع
للاحتلال الإسباني في عهد الحماية
* أراضي المخزن : أراضي في ملك الدولة .
* أراضي الجماعة : أراضي مشتركة بين أفراد القبيلة
( الجماعة ).
*أراضي الأحباس : أراضي وهبها بعض الناس
للمساجد و الزوايا .
* أعمال السخرة : أعمال إجبارية و بدون
أجر .
|